ديون السعوديين بلغت تريليون ريال ..وسماسرة السداد جاهزون لافتراسهم

الأربعاء 31 ديسمبر 2014 07:12 ص

تعد الديون المتراكمة أحد أبرز المشكلات لدى قطاع من المجتمع السعودي يقدر بعشرات الآلآف، وتعود المشكلة في أصلها إلى القروض التي يحصل عليها الأفراد ويتم استثمارها في مشاريع فاشلة أو بها نسبة مخاطرة عالية ، وقد لا يقتصر الأمر على الخسائر الاقتصادية ، وإما يمتد إلى مشكلات اجتماعية معقدة ونزاعات أسرية ربما تصل إلى وقوع الطلاق بين الزوجين وهدم البيوت وتشريد الأبناء كمنتج طبيعي لتوقيف المدين في السجن، أو فراره من الدائنين وبالتالي هجر بيته وأسرته.

إحصائية حديثة في السعودية تكشف أن إجمالي ديون الأفراد والشركات بلغت تريليون ريال سعودي، منها 140 مليار ريال لدى البنوك المحلية، إضافة إلى 120 مليار ريال ديون السعوديين لدى صندوق التنمية العقارية، وديون أفراد لدى الصندوق التنمية الصناعية 100 مليار ريال، و5 مليارات ريال لدى البنك الزراعي.

وأوضحت دراسة حديثة أجرتها شركه «سما» للمعلومات الائتمانية حول القروض في السعودية ارتفاع قيمة القروض الاستهلاكية والشخصية المتعثر سدادها من قبل الأفراد في المملكة إلى 5% من إجمالي المبالغ التي أقرضتها البنوك، لتبلغ نحو 10 مليارات ريال من إجمالي 202 مليار ريال أقرضتها البنوك وشركات التقسيط المنظمة، فيما بلغ عدد الأفراد المتعثرين في السداد نحو 140 ألف عميل.

شخصيات اعتبارية أو أسماء وهمية

المدينون المتعثرون عندما يصلون إلى مرحلة الغرق في ديونهم وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم وسداد أقساط القروض المستحقة عليهم لدى البنوك أو جهات التمويل يصبحون صيدا سمينا لسماسرة سداد الديون، تلك الظاهرة التي طفت على سطح المعاملات المالية، وتبدو في ظاهرها الرحمة بالشخص المدين وانتشاله من أزمته، ولكن باطنها مزيد من المعاناة والعذاب ، وإغراق الشخص المتعثر في مزيد من الديون على يد سماسرة سداد الديون.

فقد كشفت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في المصارف السعودية، أن التحريات والتحقيقات التي نفذتها الجهات المعنية، أظهرت أن عددا من مؤسسات التمويل والتقسيط وسداد المديونيات غير المرخص لها، التي تنتشر إعلاناتها في عدد من المدن السعودية، يقف خلفها «شخصيات اعتبارية» وأسماء لرجال أعمال معروفين.

وبحسب صحيفة «الاقتصادية» السعودية، قالت اللجنة إن عدد تلك المؤسسات ونشاطها في تراجع ملحوظ نتيجة الإجراءات واللوائح التي سنتها مؤسسة النقد أخيرا، إلى جانب تنامي النشاط الرقابي والتوعوي للجهات المختصة بالمصارف المحلية.

وأكد «طلعت حافظ» رئيس اللجنة في تصريحات صحفية، أن الشخصيات الاعتبارية والطبيعية المتنكرين بأسماء أو كنيات مستعارة ليسوا تجارا، مضيفا أن التاجر يكون عمله منظما ومشروعا في جميع القطاعات التجارية، واصفا هؤلاء الأشخاص بـ «الدخلاء على السوق السعودية».

وأشار رئيس اللجنة إلى أن هناك عقوبات تتعلق بهذه المؤسسات والأفراد المتخفين خلف أسماء وهمية، وهي السجن والغرامات المالية، مضيفا أن المصارف السعودية لا تتعامل معهم لأنهم جهات تمويلية مخالفة لأنظمة الدولة في الدرجة الأولى ومن ثم أنظمة ولوائح العمل، وهم يقعون تحت مسمى «غير المرخص لهم» وفقاً لأنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي.

وأضاف «طلعت حافظ» قائلاً: «يمارس هؤلاء عملية التمويل وسداد القروض تحت أسماء أو كنيات مختلفة (ألقاب) أمثال "أبو فلان"، ويقدمون خدمات مثل تسديد المديونيات، ومن ثم منح تمويل بشروط أفضل، سواء كان من حيث خدمة الدين أو فوائد على القرض أو بما يتعلق بمبلغ أو فترة السداد».

شبهة غسيل الأموال

«فهد العمري»، أحد المطلعين على هذه الظاهرة ، يقول إن الظاهرة الجديدة للاحتيال على الأفراد المتعثرين في سداد القروض لاستغلال ظروفهم المالية والحصول على مكسب سريع باتت طريقة رخيصة وسريعة لاقتناص المال وبأي طريقة، لذا فهي طريقة غير شرعية ولا يمكن لأي عاقل أن يثق في مثل هؤلاء، مضيفا : «هؤلاء صائدو فرائس الديون للقضاء عليهم تمامًا، حيث يدخلونهم في سلسلة لا متناهية من الدين بهدف الحصول منهم على مكسب غير شرعي» ، بحسب ما ذكرته صحف أخرى .

«رامي الحميد»، رئيس التوثيق القانوني بالبنك السعودي للاستثمار، أطلق صيحة تحذير قائلاً: «إن في ممارسة مثل هذه الأعمال المشبوهة خطر كبير على البنك المستلم لهذه الأموال حيث أن ثبوت تورطه في استقبال أموال قذرة ذات مصادر غير قانونية وغسيلها قد يجعل البنك متورطا في عملية غسيل الأموال وبالتالي تتم ملاحقته قانونيا من قبل الجهات الدولية ذات العلاقة».

الفساد والبطالة

أصابع الاتهام تشير إلى عنصرين مهمين وراء ظاهرة تورط السعوديين في الحصول على قروض بمبالغ طائلة تفوق قدرتهم على السداد ، وبالتالي وقوعهم فريسة لسماسرة سداد الديون، والعنصران هما البطالة والفساد ، وذلك بحسب العديد من المراقبين لهذه المشكلة.

فبالنسبة للفساد اعترف «عبد الله العبد القادر» نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في السعودية (نزاهة) بوجود نسب عالية من الفساد قائلاً: «نعم لدينا فساد مالي واقتصادي وإداري على جميع المستويات والأطر»،وذلك في تصريحات له على هامش إحدى الندوات.

وجاء حديث مسؤول مكافحة الفساد بعد يوم فقط من صدور التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية الذي وضع السعودية في المرتبة الـ55 ضمن مؤشرات مدركات الفساد لعام 2014 في القطاع العام من بين 175 دولة في العالم.

أما البطالة التي تتزايد باستمرار فتكشف فشل برنامج (سعودة الوظائف) عبر إحلال السعوديين محل الأجانب والوافدين بمختلف الوظائف والتخصصات، فوفقا لإحصائيات مصلحة الإحصاءات العامة لعام 1433/1434 يبلغ سكان المملكة المواطنون حوالي 20.21 مليون نسمة، منهم 13.04 مليون فوق سن الـ15 عاماً، استبعدت منهم مصلحة الإحصاءات 7.78 ملايين خارج القوة العاملة، وبالتالي تقول مصلحة الإحصاءات بأن القوة العاملة الوطنية تبلغ 5.26 ملايين فرد، يبلغ المشتغلون منهم 4.63 ملايين والباقي 629 ألفا متعطلون عن العمل، أي أن نسبة البطالة وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات هي 12 %.

إجراءات نظامية

وكمحاولة منها لضبط آليات التمويل بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي منذ التاسع من تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، بدء التطبيق الإلزامي الكامل للأنظمة ‏الجديدة للتمويل ولوائحها التنفيذية (مراقبة شركات التمويل، الإيجار التمويلي، والتمويل العقاري) على المنشآت المرخصة لمزاولة أنشطة التمويل في المملكة. وشددت المؤسسة في هذا الصدد على المصارف وشركات التمويل، ضرورة الالتزام التام بتطبيق أحكام تلك الأنظمة ولوائحها التنفيذية، وما يصدر عن المؤسسة من قواعد وتعليمات.

كما أكدت ضرورة أن تكمل الشركات الحاصلة على موافقات أولية لممارسة أنشطة تمويلية إجراءاتها لدى وزارة التجارة والصناعة خلال المدد المحددة لها، محذرة من أنها لن تتردد في اتخاذ الإجراءات النظامية في حق من يخالف الأنظمة والتعليمات.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الديون في السعودية السعودية ديون

التجاري الكويتي: شطب ديون بـ 500 مليون دينار لتصل الديون المتعثرة إلي أقل من 1%

اقتصاديون: تقليص الإنفاق واللجوء للاحتياطي بدائل السعودية لتجنب عجز الموازنة

السعودية: القروض الاستهلاكية تتضاعف 37 مرة خلال 16 عام

السعودية: ارتفاع القروض الاجتماعية بنسبة 265% خلال ثلاثة أشهر

العاهل السعودي يأمر بإعفاء 1000 متوفٍّي من قروض صندوق التنمية العقارية

السعودية للكهرباء: جهات "معنية" ستسدد 2.7 مليار ريـال مديونيات كبار الشخصيات

19 مليون ريال قيمة القروض التراكمية للصناعات الاستهلاكية بالسعودية

إستمرار مقلق لأزمة القروض في دول الخليج