الجيش المصري يدرس التدخل بإدارة وملكية قطاع الأعمال العام

السبت 9 سبتمبر 2017 06:09 ص

كشف مصدر في مجلس الوزراء المصري تفاصيل خطة حكومية جديدة ما زالت متداولة بين أروقة الرئاسة والجيش والوزارات الاقتصادية، تهدف إلى تدخل الجيش لأول مرة في ملكية وإدارة شركات قطاع الأعمال العام.

يأتي ذلك بدعوى تطويرها والارتقاء بأدائها وزيادة أرباحها واستغلال مواردها المهملة أو المجمّدة، وهو ما سيؤدي في الوقت نفسه لزيادة أعمال وأرباح الجيش وتحكّمه في شتى نواحي المجال الاقتصادي في مصر.

وتقوم الخطة على أن يتشارك الجيش مع وزارة قطاع الأعمال العام لتملّك وإدارة عدد من الشركات التابعة للشركات القابضة، الناشطة في مجالات ليس للجيش شركات تعمل فيها، خصوصاً صناعة الغزل والنسيج، والسياحة، والأدوية، والنقل واللوجيستيات، بشرط أن تكون هذه الشركات غير خاسرة، ولكنها متعثرة في تحقيق أرباح تتناسب مع مواردها وأملاكها الحقيقية.

وأوضح المصدر أن الجيش لن يشارك في الشركات العاملة بالمجالات التي ينشط فيها من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزير الدفاع، كتجارة الجملة والتجزئة، والرصف وإدارة الطرق، والزراعة، والإسمنت، والبترول، والكيميائيات، والأمن الغذائي.

وأضاف المصدر أن الرئاسة ووزارة الدفاع تدرسان حاليا البدائل المختلفة لتقنين هذا التشارك وتوسيع الفرص المستقبلية لاستثمار الجيش في قطاع الأعمال العام، إذ تم تكليف الدوائر التشريعية في الحكومة ووزارة العدل بإعداد مقترحات لهذا الغرض، على رأسها تمكين الجيش من إنشاء شركات متخصصة في المجالات التي يريد المشاركة فيها مع قطاع الأعمال العام ثم طرح الشركات التابعة الحكومية للبيع الجزئي أو الكلي لصالح الشركات المتخصصة التابعة للجيش.

وهناك مقترح آخر لا يلقى ترحيبا واسعا في الدوائر التشريعية المختصة بأن يتم الاكتفاء بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية كممثل اقتصادي للجيش للتهرب من خطوة تأسيس الشركات وما قد يستتبعها من ضرورة فرض رقابة على بعض أنشطة الجيش، على أن يتم تعديل الوضع القانوني للجهاز بتشريع خاص يسمح بدخوله كشريك في الشركات التابعة الحكومية المستهدفة.

سيطرة الجيش على السوق

لكن ما يثير الخلاف هو التخوّف من أن يؤدي طرح أسهم الشركات التابعة المستهدفة في البورصة إلى دخول مستثمرين مصريين أو أجانب غير مرغوب فيهم، للتشارك مع الحكومة والجيش، وهو ما يتطلب بحسب المصدر نفسه، سيطرة الجيش على السوق وتأمين عدم دخول منافسين له في مرحلة ما قبل الطرح، لا سيما أن بعض الشركات المستهدفة «ذات طبيعة حساسة، نظرا للأصول الضخمة التي تملكها من الأراضي والعقارات والمصانع».

وذكر المصدر أن الفترة الماضية شهدت اجتماعات بين ممثلين للرئاسة ووزارة الدفاع، ووزارة العدل، مع وزير قطاع الأعمال العام أشرف الشرقاوي، وقيادات الشركات القابضة في المجالات المستهدفة للتباحث حول الخيار الأمثل للبدء في إجراءات عمليات المشاركة خلال العام المالي الحالي، أو المقبل على أبعد تقدير.

وكان «الشرقاوي» قد أعلن منذ أيام زيادة أرباح الشركات التابعة حتى 30 أغسطس/آب الماضي لحوالي 3.655 مليارات جنيه (نحو 207 ملايين دولار)، بزيادة قدرها 1.9 مليار جنيه (نحو 107 ملايين دولار) عن العام المالي 2015-2016، وزيادة إيراد النشاط التجاري في 9 شركات تابعة بقيمة 2.1 مليار جنيه (نحو 118 مليون دولار) عن العام المالي 2015-2016 لتصل الإيرادات العامة لشركات القطاع العام في العام المالي الماضي 2016-2017 إلى 63 مليار جنيه (نحو 3 مليارات و500 مليون دولار).

وجاءت على رأس الشركات التابعة التي حققت أرباحا: شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والمستودعات المصرية العامة، والقناة للتوكيلات الملاحية، والعربية المتحدة للشحن والتفريغ، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وإيجوث السياحية، ومصر للسياحة. وأكد المصدر الحكومي أن بعض هذه الشركات التسع مستهدفة من قبل الجيش للمشاركة فيها.

يذكر أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي عقد في أغسطس/آب الماضي اجتماعاً حكومياً لمناقشة أوضاع شركات الأدوية في قطاع الأعمال العام، وحضره وزراء الدفاع والداخلية والصحة والعدل والمالية والتموين ورئيسا الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، فضلاً عن وزير قطاع الأعمال العام الذي عادت حقيبته الوزارية في التعديل الحكومي الذي جرى في 23 مارس/آذار 2016 بعدما كان قطاع الأعمال العام تابعاً لسلطة وزير الاستثمار منذ 2004.

الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية

ويصعب حصر امتدادات الإمبراطورية الاقتصادية المملوكة للجيش المصري، وسط تقديرات تقول إن «الجيش يسيطر على ما يتراوح بين 50 و60% من الاقتصاد».

كما يصعب رصد أرباح المؤسسة العسكرية من أنشطة تجارية تمارسها دون رقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، وغيره من الجهات الرقابية، حيث تظل أموال القوات المسلحة خارج موازنة الحكومة المصرية.

وكان تقرير لموقع «ميدل إيست آي» البريطاني نُشر في مارس/آذار من العام الماضي حذر من مخاطر توسع «الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية في مصر» على مدى جاهزية الجيش المصري لخوض الحروب، بسبب تفرغ قادته للهيمنة على كل فروع الاقتصاد والخدمات، وتحصيل المكاسب المالية لهم ولمحاسيبهم المقربين منهم.

وقال التقرير إن «الاقتصاد العسكري المصري تطّور إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات»، مشيرا إلى «استحالة الحصول على أي أرقام دقيقة عن حجم هيمنة الجيش علي الاقتصاد بسبب الغموض الذي يحيط بسياساته في هذا المجال».

لكنه أكد أن العسكر يهيمنون على 50-60% من الاقتصاد المصري، ويستحوذون على 90% من أراضي مصر.

ورغم ذلك يزعم «السيسي»، أن الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية تعادل ما بين 1 إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الجيش لا يتطلع لمنافسة القطاع الخاص.

المصدر | العربي الجديد + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الجيش المصري الاقتصاد العسكري

تشكيك في قدرة مصر على تنفيذ برنامج خصخصة القطاع العام