مشاكل تعرقل أعمال «بلاك ووتر» الإماراتية في العراق

الأحد 10 سبتمبر 2017 04:09 ص

كشف مسؤولون عراقيون عن سبب عدم مباشرة شركة «أوليف الأمنية» المملوكة للإمارات، (هي نفسها بلاك ووتر الأمريكية للخدمات الأمنية سيئة السمعة) لمشروع تأمين الطريق الدولي السريع الرابط بين بغداد وعمان رغم مرور أسبوع على الموعد المقرر، وفق العقد الموقع في نهاية أبريل/نيسان الماضي.

يأتي هذا مع العلم أن قوات الجيش العراقي والشرطتين الاتحادية والمحلية في محافظة الأنبار غربي العراق، تتولى حالياً تأمين الطريق الدولي، بعد نحو أسبوعين من افتتاح المعبر بين العراق والأردن بشكل رسمي واستئناف حركة الشاحنات والبضائع والمسافرين.

ولم يسجل أي خرق أمني على طول الطريق، لكن شركة «أوليف» المالكة لعدد من الأنشطة في دول عدة بينها مصر واليمن، لم يسجل لها أي حضور حتى الآن، كما أن المقر المخصص لها قرب المنفذ الحدودي لتسجيل لوحات السيارات ما زال مغلقا.

بدوره، قال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقية «إسكندر وتوت»، إنه قبل مدة نشرت صحيفة عربية تحقيقا حول هذه الشركة، أوضحت لنا فعلاً أن هناك معلومات عن أنها هي نفسها «بلاك ووتر»، والآن هناك عملية تحقيق وتدقيق في سجلها.

وأضاف أن الأشخاص الذين كانوا موجودين في «بلاك ووتر» ومتهمين بجرائم من قبل القضاء العراقي، هم أنفسهم موجودون بـ«أوليف»، وجار التدقيق حاليا من قبل الحكومة بعد مطالبة البرلمان العراقي بذلك قبل مدة.

وتابع: «أما ما قيل عن وجود مشاكل قانونية أو مالية مع وزارة النقل فلا علم لي بذلك، والمفروض أن وزارة النقل انتهت من جميع بنود العقد واتفقت عليها مع الشركة قبل التوقيع».

ولفت إلى أن صحراء الأنبار خطرة للغاية وجماعات داعش الإرهابية ممن هربوا من الموصل وتلعفر ومدن أخرى، توجهوا إلى الصحراء، وهم يشكلون خطراً على الطريق الدولي وعلى المسافرين فيه، لذا اقترحنا على رئيس الوزراء حيدر العبادي كلجنة أمن، أن يأمر بحملة عسكرية عراقية عالية الكفاءة لمهاجمة الصحراء والقضاء عليهم لتأمين الطريق.

وشدد على أن «الشركة لم تباشر عملها حتى الآن».

من جانبه، أفاد عضو مجلس محافظة الأنبار (الحكومة المحلية) «فهد الراشد»، بأن «الحكومة العراقية في بغداد لم تبلغّنا حتى الآن بإيقاف الشركة أو فسخ العقد بخصوص تأمينها الطريق الدولي السريع».

وأضاف أن دور الحكومة المحلية يقتصر على الإشراف والمتابعة أثناء مراحل العمل.

وذكر أن الشركة المعنية أبرمت العقد بحضور ممثلين عن الحكومة المركزية ووزارة النقل والجسور، وعمليات التأهيل الموجودة حاليا على الطريق الدولي تتم من خلال منظمات دولية ومن صندوق إعادة الإعمار الحكومي ومن البنك الدولي، لا من الشركة، وتسير بوتيرة متصاعدة حاليا.

 من جهتها، نقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن عضو لجنة الإعمار بمجلس الأنبار، «فرحان الدليمي»، قوله إن «خلافات موجودة بين شركة أوليف ووزارة النقل، حالت دون المباشرة بعملية تأهيل الطريق الدولي السريع غربي الأنبار حتى الساعة».

لكن مصادر رفيعة المستوى في بغداد أكدت أن الشركة قد تخسر العقد الذي يعد صفقة مربحة لها، خصوصاً بعد شمولها بقانون الإعفاء الضريبي وجعل مدة العقد 25 عاماً بدلاً من 15 عاما.

ولفت إلى أن الكشف عن سجل وتاريخ الشركة أخيرا كان سببا مباشرا في المشاكل التي حالت دون مباشرتها، وهناك ضغوط من كتل سياسية على رئيس الوزراء لفسخ العقد بسبب شبهات فساد وجرائم متورطة بها بدول عدة، ونوه إلى أن احتمالات مباشرة الشركة بتنفيذ العقد ضعيفة.

وسبق أن أعلنت لجنة الأمن والدفاع العراقية في البرلمان في الرابع من يوليو/تموز الماضي، عن استضافة رئيس الوزراء «حيدر العبادي» في البرلمان، إثر تقرير صحفي كشف أن شركة أوليف الأمنية التي تم التعاقد معها، هي نفسها «بلاك ووتر» الأمريكية للخدمات الأمنية السابقة، التي تم طردها من العراق ومملوكة لحكومة أبوظبي.

وقال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان «ماجد الغراوي»، في تصريح من داخل مبنى البرلمان، إن اللجنة طالبت بإلغاء العقد المبرم مع الشركات الأمنية أخيرا، سواء الأمريكية أو غيرها، والاعتماد على القوات الأمنية العراقية بدلا منها.

وأضاف أنه «خلال الأيام المقبلة، ستتم استضافة رئيس الوزراء في البرلمان بشأن موضوع شركة بلاك ووتر الأمريكية وعودتها بمسمى آخر».

وأصدرت اللجنة بيانا قالت فيه إن لجنة الأمن والدفاع تحمّل الحكومة العراقية مسؤولية عودة بلاك ووتر إلى العراق بغطاء جديد.

الخروج من العراق

وخرجت «بلاك ووتر» من العراق بقرار برلماني، بسبب ما عرف حينها بمذبحة ساحة النسور في بغداد، منتصف سبتمبر/أيلول 2007، عندما أقدم عناصر الشركة على فتح النار على سيارات مدنية تقل عائلات عراقية بحي المنصور وسط العاصمة، ما أدى إلى سقوط 41 مدنياً بين قتيل وجريح بينهم أطفال.

قرار الطرد اعتبر حينها نصراً شعبياً للعراقيين، لكن الشركة عادت من جديد إلى العراق، عبر سلسلة استثمارات وعقود شراكة جديدة وبمبالغ مالية كبيرة تدفع بعضها حكومة بغداد والأخرى بطريقة الاستثمار، كان آخرها عقداً ضخماً لمدة 25 عاماً، غير أنها دخلت إلى السوق العراقية هذه المرة تحت اسم مختلف وعنوان آخر، وهو شركة «أوليف» للخدمات الأمنية أو شركة الزيتونة للخدمات الأمنية، وتملكها حكومة أبوظبي، ويديرها حالياً نفس مؤسس بلاك ووتر الضابط السابق بالجيش الأمريكي، «إيريك برنس»، الملاحق قضائياً بتهم عدة، بينها جنائية وأخرى تهرب ضريبي.

«برنس»، المؤسس المشرف العام على عمليات الشركة وحركتها، من مقر إقامته في أبوظبي، هو نفسه من يدير شركة (R2) للخدمات الأمنية في أبوظبي أيضاً.

وتم اعتماد الشركة الجديدة إماراتياً باسم (شركة الزيتونة للخدمات الأمنية) ودولياً تعرف باسم شركة أوليف.

وعلى خلاف شركة (R2) التي تضطلع بعمليات سرية لصالح أبوظبي في اليمن وليبيا وأفغانستان منذ عام 2013، بالتزامن مع ثورات الربيع العربي، بإدارة عليا من «إيريك برنس» نفسه وتسعة من قادة وحدات عمليات بلاك ووتر السابقين، فإن شركة أوليف حصلت على اعتماد عالمي كشركة دولية إماراتية في أكتوبر/تشرين الأول 2013، من خلال ترخيص معتمد من قبل هيئة الترخيص الدولية، (إنترتك)، وفقا لمعايير شركات الأمن الخاصة PSC1، بحسب تصريح مدير مجموعة الأمن في البيئات الأمنية المعقدة في شركة أوليف، الضابط السابق في البحرية الأمريكية، «بول غيبسون»، الذي أكد أن «الشركة حصلت على الترخيص بموجب مراجعة معاييرها في الفحص والعمل الميداني والتدقيق للأفراد وعمليات شراء الأسلحة والتراخيص لحمل الأسلحة النارية وطريقة إدارتها».

نسخة إماراتية

أحد الذين عملوا في الشركة، وهو أمريكي من أصل لبناني يدعى «نبيل شداد»، ويقيم حالياً في ولاية فلوريدا الأمريكية، أكد أن «أوليف» هي نفسها «بلاك ووتر»، لكن بنسخة إماراتية.

وأضاف أن «بلاك ووتر عادت للعمل في منطقة الشرق الأوسط عبر شركتي أوليف وR2 وهي مختصر اسم الشركة الكامل (ريفلكس ريسبونسس) من خلال أبوظبي، وتدير لصالح الأخيرة عمليات ذات طابع استخباراتي في عدد من الدول  العربية انطلاقاً من الإمارات».

وتابع «شداد» أن شركة «أوليف» باشرت نشاطها أول مرة بعد تعرض طائرة إماراتية في 27 يناير/كانون الثاني 2015، إلى إطلاق النار قبل هبوطها في مطار بغداد، ما أدى إلى إصابة عدد من الركاب بجروح واختراق الرصاص هيكل الطائرة الخارجي.

وتابع إن هذه الحادثة شكلت «بوابة دخول بلاك ووتر الأمريكية مجدداً إلى العراق من خلال شركة أوليف الإماراتية، وعقدت أولى صفقاتها مع وزارة المالية لصالح الهيئة العامة للجمارك ثم تنظيم إجراءات موانئ البصرة على مياه الخليج العربي، ثم صفقة توريد عجلات مصفحة ضد الرصاص للحكومة وتوريد أجهزة مراقبة أمنية ومراجعة إجراءات الأمن في منشآت عراقية مختلفة، وعيّنت الشركة رجلاً يدعى كرستوفر كرفش، مديراً مفوضاً لها إذ تتولى أوليف أو الزيتونة مسؤولية عدد من الموانئ العراقية»، وفق روايته.

ويرجح أن يتم جلب المرتزقة الكولومبيين للعمل في العقد الجديد (طريق بغداد - عمّان) حال البدء بتنفيذه نهاية العام الحالي، كونهم الأقل أجراً، إذ يتقاضون شهرياً ما بين 3000 آلاف إلى 3500 دولار أمريكي، ويعمل قسم منهم أيضاً في مدينة عدن اليمنية.

وكان رئيس «برنس»، انتقل نهاية عام 2010 إلى أبوظبي للإقامة فيها، بعد فشله في تبييض سمعة شركته دولياً وتراجع الصفقات المالية التي كانت الشركة تبرمها سنوياً، لا سيما في دول العالم الثالث التي تعتبر مصدر استثمارها الرئيسي.

وتتألف شركة «أوليف» من «جيش مرتزقة» يصل تعدادهم إلى أكثر من 3 آلاف عنصر، من 19 جنسية مختلفة، يقيم منهم نحو 600 في الإمارات حاليا، ويشكلون كتيبة أمنية واسعة الطيف داخل أبوظبي.

وأنيطت بشركة «أوليف» خلال السنوات الأربع الماضية مهام عدة داخل الإمارات، مثل حماية المنشآت النفطية وناطحات السحاب وحراسة السجون وشراء الأسلحة ومراقبة المواطنين والمقيمين المسجلين كمشتبه بهم بما في ذلك التجسس على اتصالاتهم.

وتورطت شركة R2 الإماراتية بعمليات أمنية في عدة دول عربية مثل اليمن وليبيا وسابقاً في مصر، حيث شهدت أعلى معدل نشاط لها قبيل الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري السابق «محمد مرسي» وبعده.

المصدر | العربي الجديد + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق الإمارات بلاك ووتر