حذر خبراء مجتمعيين من تنامي ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي، والتي تصل إلى أكثر من 25% من حالات الزواج وفقاً لبعض الإحصاءات، بزيادة عن المعدل العالمي الذي يراوح بين 18% و22%، والذي باتت معدلاته المرتفعة هاجساً لدى الشارع السعودي، مؤكدين أن المملكة تعاني من ارتفاع هائل في حالات الطلاق، وأزمة في العزوف عن الزواج، مما تسبب في رفع أعداد العوانس.
وأكدت دراسة سعودية أجراها الدكتور «علي الزهراني» عضو التدريس في الجامعة الإسلامية لصالح جمعية «أسرتي»، أن عدد الفتيات العوانس في المملكة قد يبلغ 4 ملايين فتاة العام الجاري 2015، بعدما كان مليون ونصف المليون فتاة عام 2010 وظل يتزايد في الآونة الأخيرة، محذرا من ارتفاع كبير في نسبة العنوسة في المملكة بوجه عام، والمدينة المنورة على وجه الخصوص.
ويقول خبراء اجتماع أن السبب الرئيسي في ارتفاع حالات الطلاق والعنوسة هو الوفرة المالية التي شهدتها المملكة في السنوات الماضية، ما جعل كثير من الشبان يعزفون عن الزواج، أو يتزوجون ويطلقون بسهولة، فضلا عن تغلغل القيم الغربية الفاسدة في المجتمعات السعودية وبين الشباب.
وأرجع خبراء المجتمع تقلص حالات الزواج ومن ثم انتشار العنوسة، وزيادة الطلاق أيضا إلي انتشار نسب المصابين بمرض الايدز الذين تزايدت أعدادهم بنسبة 26% وزيادة الحالات المكتشفة للعام الماضي بمعدل 500 حالة في السنة، بحسب «غازي الشمري» مستشار إمارة المنطقة الشرقية للشؤون الأسرية.
ويصف الخبراء الطلاق المبكر بأنه «عنوسة مستترة»، مؤكدين أن «اليأس من الزواج فتنة وفساد كبير»، وقد تصل تداعيات العنوسة إلى دفع بعضهم إلى الانتحار ،وبرغم عدم وجود إحصاءات سعودية في هذا الصدد حول انتحار الفتيات بسبب تأخر الزواج، فقد كشفت دراسة مرعبة للمركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة ارتفاع حالات الانتحار إلي 3708 في مصر منها 2700 حالة انتحار بين الشباب في العاصمة القاهرة بعضها لشباب وفتيات بسبب عدم القدرة علي الزواج.
أسباب محتملة
وتعكف جهات اجتماعية في المملكة علي دراسة حلول مقترحة للتصدي لمشكلة العنوسة وتعديل الاتجاهات السلبية التي أصابت الشباب، ويشير خبراء إلي أن انخفاض العوائد والدخول بفعل خفض الموازنة السعودية الناتج عن انخفاض أسعار النفط عالميا ربما يلجم الظاهرة نسبيا ويقلص نسب الطلاق.
ويشير خبراء إلي أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أصابت المجتمع السعودي بفعل الوفرة المالية النفطية متهمة بإفساد المجتمع السعودي، ويأتي في المرتبة الثانية التأثر بالعادات الغربية بسبب سفر نسب كبيرة من الشباب للتعلم في بلدان غربية خصوصا الولايات المتحدة وعودتهم محملين بموروث ثقافي مختلف.
واستنادًا إلى إحصاءات وزارة الخدمة الاجتماعية فإن نسب العنوسة في المملكة تقاس بتجاوز الفتيات سن الثلاثين، وأنها تجاوزت النسب الطبيعية، ويجب معالجتها.
وسجلت دراسة لوحدة الأبحاث في مركز الدراسات الجامعية ارتفاعا في معدل الطلاق في السعودية من 25% إلى أكثر من 60% خلال السنوات العشرين الماضية.
وكان إحصاء أعدّه مركز أبحاث «ميسود أند سليوشن» للدراسات والأبحاث، قد كشف أن «نسبة الطلاق مرتفعة في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وذلك بخلاف باقي البلدان العربية، وتتفوق في عدد العوانس.
وربط اختصاصي اجتماعي بين ارتفاع عدد حالات الطلاق في الخليج، ووجود «وفرة مالية تتيح لشباب الخليج الزواج والانفصال، ما عزز من انتشار العنوسة، فيما يقف العامل المادي عائقا في باقي البلدان العربية».
وكشف الإحصاء أن نسبة الشباب السعودي من الجنسين، الذين وصلوا إلى سن العنوسة بلغت 5%.
إحصاءات مزعجة
وأظهرت تقارير إحصائية سعودية ارتفاع حالات الطلاق في المحاكم السعودية إلى 33% من إجمالي عقود الزواج المبرمة خلال العامين الماضيين، وأن 18% من حالات الزواج تنتهي بالطلاق، وأن نسبة حالات الطلاق خلال العام الجاري بلغت نحو 3 أضعاف حالات الزواج، وأن مدينة جدة هي الأكثر «طلاقاً» بين المدن السعودية.
وكشفت وزارة العدل السعودية عن 33954 حالة طلاق خلال عام 2014، فيما بلغت حالات الخلع 434 حالة، بينما بلغ عدد الزيجات 11817، وأن أعداد حالات الطلاق خلال العام الماضي 2014 زادت بأكثر من 8371 حالة طلاق عن العام الماضي.
وتصدرت منطقة مكة المكرمة قائمة المناطق السعودية الأكثر إصداراً لصكوك الطلاق بإجمالي بلغ 9954 إثبات طلاق، بينما جاءت مدينة جدة على رأس قائمة أكثر المدن السعودية إصداراً لإثباتات الطلاق بواقع 5306 إثبات، تلتها مكة بواقع 2326 إثبات طلاق، ثم الطائف بـ1459 إثبات طلاق.
وسجلت قضايا الخلع ارتفاعاً ملحوظاً في محاكم منطقة مكة أيضا، إذ أصدرت خلال هذا العام 405 صكوك خلع، بزيادة بلغت 375 % عن العام الماضي.
كما ارتفعت حالات الزواج المسجلة خلال العام 2014 في المملكة بنسبة 30% مقارنة بعام 2013، مسجلة 77.512 حالة زواج، 16% منها لحالات زواج غير السعوديين أو أحد الزوجين غير سعودي بواقع 12.649 حالة زواج، ولكن على النقيض أيضاً ارتفعت حالات الطلاق المسجلة في محاكم المملكة أيضا بنسبة 22% خلال الفترة نفسها مسجلة 54.471 حالة طلاق لتحقق معدل 7 حالات طلاق مقابل كل 10 حالات زواج جديدة.