تسريبات «السيسي» ضد دول الخليج: التاريخ لا يكرّر نفسه!

الاثنين 9 فبراير 2015 08:02 ص

بثت قناة «مكمّلين» الفضائية تسريباً جديداً منسوباً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قالت إنه جرى خلال اجتماع في شباط/فبراير 2014 عندما كان وزيراً للدفاع قبل أيام من ترشحه لرئاسة الجمهورية، ويكشف التسريب حواراً دار بين السيسي ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل وعضو المجلس العسكري محمود حجازي.

وصف المتحاورون في التسريب بعض دول الخليج بأنها أنصاف دول تمتلك مبالغ ضخمة، كما ناقشوا طريقة التعامل معها فيما يخص طلب منح مالية كما جرى بعد حرب الخليج، وقال مدير مكتب السيسي في التسريب أنه يجب التعامل مع دول الخليج على أساس «خذ وهات». 

وتطرق السيسي في التسريب المنسوب إليه الى حجم المبالغ المطلوبة من كل دولة خليجية داعمة له وتفاصيل تحويل تلك الأموال الى حسابات الجيش المصري، لا الدولة المصرية، بحيث تدفع كل دولة من الدول الثلاث المذكورة، السعودية والإمارات والكويت، مبلغ 10 مليارات دولار، كما أشار الى أن قادة تلك الدول يملكون من الأموال أكثر من ميزانيات بلدانهم.

تجاهلت الصحف المصرية والخليجية الصادرة أمس الأحد موضوع التسريبات غير أن تجاهل الموضوع لا يعني أن مفاعيله قد تم إخمادها، فالتوقيت الذي بثّ فيه هذا التسريب أضاف زيتاً على نار التدهور الملحوظ بين مصر والسعودية خصوصا، وترافق هذا مع اعلان قناتي «العربية» و«العربية الحدث» إيقافهما برنامجين حول الشأن المصري، ساهما بالدفاع عن نظام السيسي، وتبع ذلك استقبال الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود، وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي، سفير مصر لدى المملكة، عفيفي عبد الوهاب، ورغم الصياغة الدبلوماسية لخبر استقبال السفير، فالأغلب أن له علاقة برسالة تأنيب ضمنيّة من المملكة للقاهرة.

تجاهلت العديد من الصحف أيضاً تصريحاً لرئيس الوزراء المصري «إبراهيم محلب» قال فيه إن التسريبات «لن تنال من الجبهة الداخلية ولن تؤثر على معنويات المصريين»، غير أن الواقع البسيط للأشياء يقول إن «الجبهة الداخلية» ليست على ما يرام في مصر، ومن إشارات ذلك المظاهرات التي طالب بها بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام المصري داعين المصريين الى مليونية لـ»إعادة تفويض» السيسي، وكان الرد عليها أعدادا هزيلة من الأشخاص، تتناسب مع الأداء الكارثيّ للنظام، فيما يتعلّق بشؤون مواطنيه الأساسية: التنمية والعدالة والأمن. 

لعبت دول الخليج التي سخر منها التسريب دوراً كبيراً في وصول «السيسي» للسلطة، وأمّنت التغطية العربية والملاءة الماليّة للمساعدته، وساهم دعمها الإعلامي وأدواته العديدة في التأثير على قسم من الجمهور والنخبة المصريين. 

بعض دول الخليج، على ما يظهر، اكتشفت أنها، بدعمها لنظام «السيسي» وبجعلها مكافحة «الإسلام السياسي» المعتدل أولوية كبرى، عزّزت البنى التحتية للإسلام السياسي المتطرّف، وفتحت الباب واسعاً للتمدّد الإيراني في المنطقة. 

بدل الإخوان المسلمين، الذين يمكن دائماً التحالف معهم سياسياً، صارت دول الخليج محاصرة بين عدوّين وجوديين كاسرين: تنظيم «الدولة الإسلامية» والميليشيات المدعومة من إيران.

الملك «سلمان بن عبد العزيز» أكد للرئيس المصري أمس أن العلاقة بين البلدين أكبر من أي محاولة لتعكير «العلاقات المميزة والراسخة»، وبأن موقف السعودية تجاه مصر واستقرارها وأمنها «لا يتغير»، غير أن اللغة الدبلوماسية للعاهل السعودي كانت متوقعة، ومن المستبعد أن يقدم أي مسؤول خليجي على إطلاق تصريحات علنية ضد النظام المصري. لكن ما يجب أن يفهمه النظام المصري اليوم، ومع اقتراب موعد المؤتمر الاقتصادي في القاهرة، أن استمراريته متوقفة على دعم المصريين له وليس على الدعم الخارجي، وفي المظاهرات الضئيلة التي خرجت لـ«التفويض الجديد» دلالات كبرى. 

النظام المصري استبق القطيعة المقبلة مع دول الخليج بالهجوم العلنيّ على السعودية، وإذا أدت التسريبات الأخيرة الى اتساع الشرخ بين الطرفين، فهذا سيزيد نظام «السيسي» انكشافاً وضعفاً ويضعه مجدداً أمام مسؤولياته السياسية الكبرى التي يفضّل التعامل معها بالقمع، كما حصل أمس في مظاهرات الألتراس.

مصر 2015 ليست مصر 1952، و«السيسي» ليس «عبد الناصر»، ونزاع الناصرية مع الإخوان ودول الخليج كان ممكناً في ظروف صعود المشروع القومي العربي، أما اليوم فهو جرح عربيّ مفتوح تستفيد منه إسرائيل وإيران.

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

النظام المصري مصر 2015 مصر 1952 السيسي عبد الناصر ونزاع الناصرية الإخوان دول الخليج صعود المشروع القومي إسرائيل إيران

«فاينانشيال تايمز»: «التسريبات الغامضة الأخيرة هزَّت حكام مصر»

رغم التسريبات المسيئة للخليج: «محمد بن زايد» و«السيسي» يؤكدان على متانة العلاقة بين البلدين

الملك «سلمان» لـ«السيسي»: علاقة المملكة ومصر أكبر من أي محاولة لتعكيرها

خبراء: تسريبات «السيسي» الجديدة تهدد الرعاية الخليجية لمؤتمر مصر الاقتصادي

ولي العهد السعودي يلتقي سفير مصر غداة تسريب «السيسي يحتقر الخليج»

غضب خليجي بعد تسريب مكتب السيسي عبر وسم «‏السيسي يحتقر الخليج»

«فاينانشيال تايمز»: «التسريبات الغامضة الأخيرة هزَّت حكام مصر»