«ستراتفور»: ماذا يعني عودة «التمرد المسلح» لأكراد إيران؟

السبت 30 يوليو 2016 08:07 ص

على الرغم من أن الأراضي الأساسية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية تتقلص الآن، فإن صعود التنظيم السريع كخطر عالمي ونجاحه في التوسع الإقليمي خلال عامي 2013 و2014 هز الشرق الأوسط وتسبب في تغيير خارطة القوى العسكرية. في الوقت الذي سيطرت فيه الجماعة المسلحة على الموصل وتكريت وسنجار والزمر وكوباني، فإن وحدات البشمركة الكردية من الجنسيات العراقية، الإيرانية والتركية والسورية قد انتشرت في محاولة لوقف هذا التوسع. واليوم فإن البلدان المتاخمة للأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية صارت أكثر أمنا واستقرارا على تلك الجبهات المتاخمة للمناطق الكردية التقليدية.

وفي الوقت نفسه، فإن إشراك الجماعات الكردية في الحرب ضد الدولة الإسلامية زاد من قدرتها العسكرية. في إيران، التي تعد موطنا لعدد كبير من سكان الأقلية الكردية، بدأت آثار هذه القوة في الظهور حديثا. أسهمت المعركة ضد العدو المشترك في توحيد الجماعات الكردية المتباينة في إيران على الرغم من صراعها الدائم على الهيمنة. وفي الوقت نفسه، ومع زيادة أهمية الأكراد في ساحة المعركة، فإنهم اكتسبوا قيمة أكبر في نظر القوى الخارجية. ساهمت هذه العوامل جنبا إلى جنب في إعادة إحياء التمرد الكردي في إيران.

عودة التمرد

عندما ألمح قائد الجيش الإيراني الجديد في خطابه الافتتاحي 5 يوليو/تموز إلى «المعتدين الداخلين» الذين يهددون أمن الجمهورية الإسلامية، فإنه كان يشير بشكل كبير إلى الأكراد في البلاد. على مدى العقد الماضي، واجهت إيران فقط هجمات متفرقة من الجماعات الكردية، جاء أغلبها من قبل حزب الحياة الحرة في كردستان «بيجاك». ولكن على مدار الأشهر القليلة الماضية، بدأت الجماعات الكردية المختلفة موجة من الاضطرابات الصغيرة ضد بؤر الحرس الثوري في مناطق شمال غرب إيران. جنبا إلى جنب مع حزب الحياة الحرة، فإن أقدم وأبرز حزب كردي في البلاد، الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، استأنف المقاومة المسلحة ضد طهران. كما بدأت مجموعة صغيرة تعرف باسم حزب الحرية الكردستاني بدورها في شن هجمات على قوات الحرس الثوري

.

كان احتواء التمرد الكردي، فضلا عن ثورات باقي الأقليات، منذ فترة طويلة أولوية للقوات المسلحة الإيرانية. تم تجهيز الجيش الإيراني لقمع هذه الانتفاضات التي عادة ما كانت تأتي من تجمعات السكان الأكراد على طول الحدود الجبلية مع العراق وتركيا. والآن بعد أن انضمت الفصائل الكردية المختلفة إلى بعضها البعض، رغم أنها لا تزال أبعد ما يكون عن التوحد، فإن إيران تخشى من أن مطالبات الأكراد ربما تتسبب في صراع مع الأقليات الأخرى، مثل البلوش أو الأذريين أو الأهواز. لكن إيران لديها شيء واحد يعمل لصالحها، بخلاف الانقسام التاريخي بين الأكراد. نظرا لأن الجماعات الكردية الإيرانية تؤسس عملياتها عبر الحدود مع كردستان العراق، فإن إيران بإمكانها أن تستخدم نفوذها في العراق من أجل منع الأكراد من التدخل في الصراعات الداخلية والخارجية التي تقع خارج نطاق سيادتهم. (تاريخ التمرد الكردي في إيران).

مجموعات مختلفة ومظالم متماثلة

مع تعداد يقدر بـ6 ملايين نسمة، يمثل الأكراد معظم السنة في إيران، وهم يضمون عددا من الأحزاب السياسية جنبا إلى جنب مع الجماعات المسلحة المرتبطة بها، وقوات البشمركة شبه العسكرية. تم تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني منذ أكثر من 70 عاما للدفاع عن استقلال جمهورية مهاباد التي لم تدم إلا فترة قصيرة. حزب العراق الديمقراطي الكردستاني، الحزب الحاكم في كردستان العراق، تم تأسيسه كفرع من ذلك الحزب، وظل الحزبين يتمتعان بعلاقات قريبة. بعد تأسيسها في عام 1991، قدمت حكومة كردستان المستقلة فضاء للحزب الإيراني للعمل من خلاله. وفي عام 1996، تخلى الحزب عن المقاومة المسلحة ضد إيران، ومنذ ذلك الحين وهو يعمل بهدوء ونادرا ما يقوم بشن هجمات. الحزب الأصغر، حزب الحرية الكردستاني، الذي تأسس عام 1991 بعد حصول كردستان العراق على استقلاله، يسعى لإقامة إيران ديمقراطية اتحادية. وأكد كلا الحزبين تخليهما عن وقف إطلاق النار مع الحكومة الإيرانية وتجديد الكفاح من أجل الحرية الكردية. على النقيض من ذلك، فإن حزب «بيجاك»، المرتبط تاريخيا بحزب العمال الكردستاني، لم يدخل أبدا في مثل هذه الهدنة منذ تأسيسه في عام 2004.

مثل غيرها من الأقليات في إيران، وتعيش الجماعات الكردية في معظمها خارج المراكز الاقتصادية في المناطق الحضرية في البلاد. وعلى الرغم من تأكيدات الرئيس الإيراني «حسن روحاني» أن اتفاق إيران النووي مع الغرب من شأنه أن يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي، فإن فوائده لم تصل بعد إلى الأكراد. خلال رحلته الأخيرة، التي قاطعها معظم أعضاء البرلمان، إلى إقليم كرمنشاه في كردستان الإيرانية، حاول «روحاني» تهدئة مخاوف القادة هناك بشأن التمييز الاقتصادي، واعدا بتقديم مليار دولار كمساعدات. على الرغم من أنه لم يتم تقديم أي شيء إلى الآن، فمن الواضح أن الحكومة تسعى إلى تهدئة سكان الأقليات في ظل زيادة أنشطة التمرد مع اقتراب انتخابات عام 2017.

طلب المساعدة

هجمات الجماعات الكردية المسلحة ضد الدولة الإيرانية لا تعد مستغربة. ولكن بفضل دورها في المعركة ضد الدولة الإسلامية، فإن هذه الجماعات اكتسبت الكثير من الوحدة والاهتمام الدولي. وهم الآن يرغبون في توجيه بعض الدعم الذي حصلوا عليه لمواجهة الدولة الإسلامية في نضالهم من أجل الاستقلال. في يوليو/تموز، ذكر حزب الحرية الكردستاني أن المساعدات الدولية من شأنها أن تمكن الأكراد من إنهاء النفوذ الإيراني في المنطقة. كما أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني رغبته في بناء علاقات مع الشركاء الخارجيين لمواجهة التهديدات التي يواجهها من قبل إيران. ولكن جهود الحصول على الدعم والتمويل الخارجيين سوف تذهب سدى في الوقت الذي تواصل فيه هذه الأحزاب شن تمردها. بعد كل شيء، فإن جهود التمويل ضد الدولة الإسلامية، وتسهيل حركة تمرد انفصالية ضد دولة ذات سيادة هما مسعيان مختلفان تماما.

ورغم ذلك، فإن البلدان التي لديها مصلحة في تفاقم مشاكل إيران الداخلية، مثل المملكة العربية السعودية و(إسرائيل)، ربما توافق على مساعدة الأكراد. يتردد أن المملكة العربية السعودية تقوم بتوفير الدعم المالي للجماعات الكردية الثلاثة في إيران من خلال القنصلية الذي افتتحتها حديثا في أربيل، عاصمة إقليم كردستان. وعلاوة على ذلك، ناشد كل من الحزب الديمقراطي وحزب الحرية، الرياض مباشرة في دعواتهما للحصول على التمويل، وهو ما تسبب في الكثير من الفزع في طهران. (خارطة التمرد الكردي في إيران).

تمرد أكبر من الأكراد

بخلاف دفع مطالب الانفصال الخاصة بهم، فإن التمرد الكردي في إيران يعزز مطالب الأقليات العرقية الأخرى من أجل الاستقلال. في واقع الأمر، فإن هذا هو أحد أهم الأسباب التي تدفع المجموعات الكردية لتكثيف تمردها. وفي بيان تعهد فيه الحزب بالتضامن مع أي حركات انفصالية أخرى في إيران، أعلن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران عن تشكيل مؤتمر قوميات إيران الاتحادية بمشاركة العرب والأذريين والبلوش والتركمان وسائر المنظمات الكردية.

ومع استمرار الهجمات، فإن القوات المسلحة الإيرانية سوف تعمل لعرقلة أي جهود نحو الفيدرالية في إيران. وفي الوقت نفسه، وبينما تمضي الفئات الكردية المختلفة في كفاحها نحو الاستقلال فإن المزيد من المنافسة بينها سوف تعوق كفاحها ضد إيران. كما يتضح من تمرد حزب العمال الكردستاني في تركيا، فإن الحديث عن التغلب على الانقسامات الداخلية لشن هجوم فعال ضد دولة قوية أسهل من القيام به. ولكن طالما استمر التمرد، فإن معظم خصوم إيران سوف يميلون إلى دعمها.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

إيران الأكراد البيشمركة التمرد الكردي الأهواز كردستان العراق أكراد إيران

أكراد إيران نار تحت الرماد

«صقور الأحواز» تتبنى تفجير منشأة معشور النفطية وتتوعد بضرب العمق الإيراني

«مجاهدي خلق»: الأوضاع في إيران أصبحت أسوأ بعد الاتفاق النووي

«خامنئي»: أمريكا تستغل «النعرة القومية» لدى أكراد إيران لزعزعة الأمن

«الأحواز»: القصة الكاملة لمعاناة إقليم عربي في قلب بلاد فارس

طهران تعلن مقتل 4 مسلحين واعتقال 6 آخرين عقب اشتباكات مع الأمن في كرمانشاه